تُعد الأحجار الكريمة عالماً آخر يروي قصص عناصر نادرة وُجدت على الأرض، تشكّلت على مدى ملايين ومليارات السنين، وكل حجر كريم منهم يحمل في طياته سراً من أسرار الطبيعة، ورحلة طويلة من التحولات مرّت بها. وعلى الرُّغم وجود أكثر من 200 نوع مختلف من الأحجار الكريمة التي عرفها الإنسان منذ القدم إلى الوقت الحالي، ولكن للماسّ والزّمرد والياقوت الأزرق سحر خاص لا ينافسه أي حجر كريم آخر.
قف عند هذه النقطة عزيزي وقل لي هل سمعت أنَّ هناك أحجار كريمة أندر بما لايقل عن ألف أو حتى مليون مرة في العالم، لا وقيمتها تفوق قيمة الألماس والزمرد و الياقوت!
إذاً سأقصّ عليك الآن أندر خمس أحجار كريمة وأخبرك ماهو الشيء المميز الذي جعلها تتربع على العرش!
حجر القرن العشرين الثمين – التانزانيت:
يسمى علمياً باسم الزوسيت الأزرق، أندر من حجر الألماس بـ آلاف المرات، يتمتع بثلاثية ألوان مختلفة عندما ننظر إليه من عدة زوايا مختلفة، حيث نرى لون أزرق ملكي مع مسحة من اللون البنفسجي واللون البورجوندي – اللون العنابي أي الأحمر الأرجواني الداكن – ، مع وجود ألوان متباينة أخرى عميقة داخله وأيضاً تظهر مع اختلاف الزاوية التي يعكسها الضوء عن الحجر، وعند تسليط الحرارة على بلورات حجر التانزانيت يصبح لونه أزرق فقط. والتانزانيت موجود داخل منجم وحيد في العالم، في دولة تنزانيا الإفريقية، وسمي باسمها، يبلغ عرضه حوالي إثنان كيلومتر وطوله حوالي سبع كيلومترات.
البريل الأحمر:
ويسمى أيضاً بيكسبايت وتعود تسميته لاسم مكتشفه ماينارد بيكسباي، تم اكتشافه هذا الحجر الكريم في ولاية يوتا الأمريكية، كما تم العثور عليه في نيو مكسيكو و المكسيك لكن بكميات قليلة جداً، ينتمي إلى عائلة المعادن مثل الزمرد والزبرجد. البريل الأحمر النقي لا لون له فمن الممكن أو يكون شفاف أو شبه شفاف، أما في حال وجود الشوائب فنرى أنَّ لونه يتدرج من اللون الوردي إلى اللون القرمزي المشبع، وله لمعان زجاجي مميز، وهو معدن نادر لأنّ تكوينه يحتاج إلى بيئة خاصة جيوكيميائياً، فنرى شوائبه تظهر بأشكال متميزة إما على شكل أقحوان وإما على شكل أنابيب طولانية مجوفة سداسية الشكل.
العقيق الأسود:
على الرغم من أنَ العقيق الأسود هو أحد أنواع العقيق والذي يصنف على أنَّه من الأحجار الشبه كريمة، غير أنَّ العقيق الأسود هو الأكثر ندرة ويوجد فقط في أستراليا. فإنّ الخلفية السوداء مع الإنفجارات اللونية التي يحملها هذا الحجر يجعلها تبدو وكأنك وضعت الأضواء الشمالية بداخلها. نرى لونه يتدرج من الأسود إلى الرمادي الداكن أو من الأسود والبني الداكن، أما شوائبه فتظهر على شكل خطوط منحنية أو دائرية عشوائية غير منتظمة ممتدة على طوله. ويتميز بالبريق الذي يشبه بريق الزجاج. وارتبط منذ العصور القديمة بمجموعة من المعتقدات الأسطورية والخصائص الميتافيزيقية.
ألكسندريت – حجر القياصرة والنبلاء:
كما أطلق عليه لقب “الزمرد في النهار والياقوت في الليل”، وذلك بسبب قدرته على تغيير الألوان تحت الأضواء المختلفة. فتارةً نراه باللون الأزرق المائل إلى الأخضر في ضوء النهار، أما تحت الأضواء الخافتة فنراه يتدرج بين اللون الأحمر إلى اللون الأرجواني. وسميّ ألكسندريت من اسم القيصر ألكسندر الثاني ويقال أنّه تم اكتشافه في نفس يوم ميلاد الإسكندر
اكتشف هذا الحجر الكريم الاستثنائي في جبال الأورال في روسيا خلال ثلاثينيات القرن التاسع عشر، وتعود ندرته للأسف بسبب نفاذ المصدر منه لكثرة تعدينه. وهو موجود الآن في دولة البرازيل واثنين من المناجم الأخرى فقط.
الباينيت:
لا يعد حجر البيانيت من أندر الأحجار الكريمة فقط، ولكنه أيضاً من أندر المعادن على وجه الأرض، دخل في الرقم القياسي العالمي في موسوعة غينيس عام 2005. بعد اكتشافه من قبل عالم المعادن وتاجر الأحجار الكريمة البريطاني آرثر تشارلز ديفي باين، في عام 1950، فلم يكن هناك سوى حجرين فقط من حجر الباينيت خلال العقود التالية. وحتى في الوقت الحالي عندما تم اكتشاف رواسب الباينيتا في ميانمار شمالاً، لكن يوجد فقط أقل من 1000 حجر، ومعظمها ليست شفافة. يتمتع الباينيت باللون الأحمر الياقوتي المتدرج للون البني الشاحب أو الأحمر البرتقالي ويتميز ببريقه الزجاجي.
بعد أن وصلنا إلى ختام رحلتنا في عالم الأحجار الكريمة النادرة، نجد بأنَّ هذه الجواهر ليست مجرد قطع ثمينة، بل هي تجسيد لسخاء الطبيعة فتراها تروي قصصًا صامتة عن الزمن وتحمل في طياتها سر خرج بفعل عوامل طبيعية جعلت لكل واحدة منها لمسة فنية طبيعية خاصة بها، رسختها الطبيعة بأناملها العجيبة.
في عالم يعج بالتنوع والندرة، ستبقى هذه الأحجار تتلألأ كنجوم في السماء، نستشعر قيمتها ونقف مذهولين أمام روعة الخالق.